بعد أن كان الهدف من هذه التصميمات "لَمَّعنِي شكرا"، و"دَلَّعني شكرا"، و"انبح لي شكرا"، شاء الله أن يكون "افضحني شكرا"، وكانت الفضيحة مدويِّة، شغلت الرأي العام المصري لأيام، وستظل سبة في جبين هذا النظام! ولكن المجرمين لا يتفكرون ولا يتعظون..
تحرص البلاد (حتى الأكثر تخلفا) على وجود أجهزة ومؤسسات رقابية تحمي المواطن من الغش والاستغلال. وبغض النظر عن فاعلية هذه الأجهزة من عدمها، فهي موجودة بمقراتها وهياكلها وميزانياتها، ويمكن أن تقوم بواجباتها المنوطة بها إذا تولى أمرها شرفاء أتقياء..
إنهم الإخوان المسلمون، ومن يُشتبه بتعاطفه معهم، ومَن فارقهم ولم يناصبهم العداء.. فالجميع وطنيون إلا الإخوان، والجميع طيبون إلا الإخوان، والجميع واضحون إلا الإخوان، والجميع مَدعوون إلى (لا مؤاخذة) "الحوار الوطني" إلا الإخوان..
خلاصة مهمة، تفسر لنا ليه دايما كلام ياسر جلال مش مرتب، فالكلام "المترتب" يجعل المتلقي (في رأي جلال) يعتقد أن الكلام "حقيقي" وهو لا يريد أن يخدعنا.. فهو يقول لنا: "أنا أكذب عليكم"، ولكن هناك مَن لا يريد أن يفهم!
قطعا.. لا أريد من هؤلاء المتنطعين أن يتخلوا عن عقيدتهم، وإنما أريد منهم أن يرتقوا بأنفسهم، فيكونوا بشرا أسوياء، وبتعبير أدق، أن يكونوا مسلمين صالحين؛ يحترمون مهابة الموت، وجلال اللحظة، ويقيمون وزنا واعتبارا للحزن على ميت يستحق الحزن عليه؛ لمآثره وسجاياه، وأثره النافع في الحياة ولقضايا الأمة.
المجتمع لا يكون "مدنيّاً" أو "متحضرا" إلا إذا تساوى فيه الجميع أمام القانون، وتمتع فيه الجميع بفرص متساوية، وساده العدل، وصينت فيه الحقوق والحريات، بغض النظر عن خلفية وتكوين الشخص الجالس فوق هرم السلطة
في شريعة الغاب التي تحكمنا اليوم، فالمنتصر هو صاحب الحق ولو كان ظالما، وهو الصادق ولو كان كذوبا، وهو الأمين ولو كان خائنا، وهو الوطني ولو باع الوطن!.. وأما المغلوب فهو المخطئ ولو كان مظلوما، وهو الكاذب ولو كان صدوقا، وهو الخائن ولو كان أمينا..
أنتج عبد الفتاح السيسي الجزء الثالث من مسلسل الاختيار، من أموال القروض، وودائع "المصريين" في البنوك، في محاولة لم يجن منها سوى سخرية لم يحظ نظير له بمثلها؛ لإعادة إنتاج وتقديم نفسه للشعب المصري الذي استبد به الغضب منه، إلى حد إهانته وتحقيره بأقبح الألفاظ وأشنع الشتائم..
فإذا كان هذا هو حال نساء مصر المعدمات منهن والموسرات على السواء؛ خارج أسوار سجون السيسي، فماذا عن عشرات النساء المعتقلات لموقفهن السياسي الرافض للانقلاب على الشرعية الدستورية؟..
نجحت صفحة "كلنا خالد سعيد" نجاحا باهرا في اختيار "قضيتها" و"أيقونتها"، وأحسنت إنتاجهما، ثم إعادة إنتاجهما طوال فترة "الحملة".. فأما "القضية"، فكانت إزهاق روح شاب بريء تحت التعذيب في أحد أقسام شرطة مبارك.. وأما "الأيقونة"، فكانت وجه "خالد سعيد" الوديع!
ولقد صُدِمتُ حين بحثت في الشبكة العنكبوتية عن الصفحة، أثناء إعداد هذه السلسلة للنشر لنسخ عنوانها، فلم أجدها! ما يعني أن الصفحة قد وُئِدت، عن سابق قصد وتصميم، وترتب على هذه الجريمة الشنعاء محو يوميات واحد من أهم الأحداث الكبرى التي عاشتها مصر خلال المائتي سنة الأخيرة!
لم يدخل أي من هؤلاء القصر الرئاسي طمعا في منصب أو مغنم، وإنما دخلوه مع الرئيس؛ ليعينوه على أداء مهمتة التي كلفه بها الشعب تكليفا حقيقيا، من خلال انتخابات شهد العالم بنزاهتها