قالت صحيفة "إندبندنت" إن تنظيم
القاعدة تدخل في محاولة لإقناع "تنظيم الدولة" في العراق والشام، المعروف بـ"
داعش"، عدم قتل
رهينة بريطانية ثانية.
وتؤكد الصحيفة في عددها الصادر اليوم أن قائدا محليا لجبهة "النصرة" الموالية للقاعدة زار قادة "داعش" في المنطقة بعد أربعة أيام من اختطاف
هينينغ (47) عاما، وأخبرهم أن عملهم غير إسلامي وطالبهم بعدم إيذائه.
ونقلت عن بلال عبد الكريم، وهو مخرج أفلام أميركي عمل في سورية، قوله: "كل الجهات التي تتمتع بتأثير بما فيها تنظيم القاعدة، ناشدت (داعش) عندما اختطف هينينغ، محذرة إياه من المخاطر السلبية التي ستنتج عن هذه العملية".
ويضيف عبد الكريم للصحيفة، "بعد أربعة أيام من اختطافه، ذهب الأمير، أحد أمراء
جبهة النصرة، للدانا وقال: انظر ما تفعله من خطأ، أليس لديك عمل؟ ماذا تفعل، ولا حق لك في اختطافه، ولا سبب لديك لاحتجازه لأنه غير مسلم".
ويقول عبد الكريم: "تحدثت لأمير جبهة النصرة عندما عاد، وكان واثقا في البداية من إطلاق سراح هينينغ، حيث بنى موقفه على وعود من (داعش)، ولكن التنظيم قام بنقله من سجنه في الدانا ولم يسمع عنه بعد ذلك".
وكان هينينغ، الذي يعمل سائق تاكسي في إكسل في مدينة سالفورد، قد انضم لقافلة نظمتها جمعية خيرية بريطانية مسلمة، وكان الوحيد، من بين الفريق الذي رافقها، غير مسلم. وقد تأثر كثيرا بمعاناة السوريين وقرر التضحية باحتفالات عيد الميلاد مع زوجته وولديه، وقطع مسافة 4.000 ميل لنقل المساعدات للاجئين السوريين. وتم اختطافه في بلدة الدانا التي لا تبعد سوى أميال عن الحدود التركية في كانون الأول/ ديسمبر وفي أثناء احتفالات عيد الميلاد، وفق ما ذكرته الصحيفة.
ويؤكد التقرير محاولة القاعدة إنقاذ حياة الرهينة البريطاني، مشيرا إلى أن التنظيم الذي أنشأه أسامة بن لادن لا يوافق "داعش" على سياساته وأساليبه، كما بينت الصحيفة.
ويقول البروفسور بيتر نيومان، مدير المركز الدولي لدراسة التشدد والعنف السياسي في كينغز كوليج بجامعة لندن "انتقد تنظيم القاعدة (داعش) في الأشهر الأخيرة، وفهم الكيفية التي سيتم فيها استقبال أفعاله في الغرب، مع أن الأيديولوجية التي تحكم التنظيمين ما تزال واحدة. ولا تعارض القاعدة سياسة القتل ولكنها تتفهم أن لا معنى لها عندما تتم بالطريقة التي يقوم بها (داعش) وتؤدي لخسارتهم أصدقاء كثرا"، بحسب ما أوردته الصحيفة.
ويقول الدكتور أفضل أشرف، المستشار لدى المعهد الملكي للدراسات المتحدة والذي يحمل شهادة دكتوراة في ايديولوجية الإرهابيين، "قتل هؤلاء الرهائن الغربيين الأبرياء والتهديد بقتل آلن هينينغ يظهر غموض استراتيجية (داعش)، فهي غريبة وتفهم القاعدة أن تصرفا مثل هذا يؤثر على التجنيد".
ويقدم عبد الكريم في مدونته على الإنترنت معلومات مفصلة عن الخلافات بين المتشددين الإسلاميين بشأن اختطاف هينينغ، والذي يشك "داعش" بكونه جاسوسا، لافتا إلى أن بعض المسلمين في القافلة طالبوا بدليل واضح على ذلك، حيث اعتبروا الاتهام تافها، لكن تنظيم "داعش" قال إنه لا يصدق أن رجلا مسيحيا أبيض يريد القدوم إلى سورية في هذا الوقت إلا إذا كان جاسوسا.
ولإثبات أنه كذلك "أظهر قائد في (داعش) جواز سفر هينينغ قائلا: هنا رقاقة سرية في داخله، لكن مسلما في القافلة قال: كل الجوازات في بريطانيا تحتوي على هذه الرقاقة مثل جوازي -الذي أخرجه من جيبه-".
وقال آخرون في القافلة لـ "داعش" إن هذا الرجل "قرر التضحية باحتفالات عيد الميلاد مع عائلته وقرر المجيء معهم للمساعدة في حماية الناس الذين يقول (داعش) إنه يحاول حمايتهم"، كما روت الصحيفة.
ويشير عبد الكريم أن "داعش" تعرض لمواجهة فيما بعد من جماعات طالبته بإطلاق سراح هينينغ، وسألوا "لماذا يتم احتجازه؟"، فيما رد "داعش" بأنه سيظل سجينا لديهم وسيبادلونه بشحص آخر معتقل في بريطانيا، وقال مسلمون في القافلة إن ما يفعله التنظيم ليس إسلاميا خاصة أن لا اتهامات موجهة ضده.
وفي الوقت نفسه أخبرهم أحد عمال الإغاثة أن الناس يعتمدون على القوافل الدوائية والغذائية، وممارسات كهذه ستعرقل جهودهم لمساعدة الشعب السوري. ورد قائد "داعش" بالقول: "لا نريد قوافل، لنا الله".