خلط التدخل العسكري الروسي في
سوريا الأوراق من جديد، بعد أن لاح في الأفق فرص التخلي عن رئيس النظام بشار الأسد نتيجة حراك دبلوماسي كثيف بين الدول المؤثرة في الملف إقليميا وعالميا في الأشهر الماضية، رافقه تقدم عسكري واضح للمعارضة السورية تحت لافتة
جيش الفتح بانتصارات متتالية في مناطق الشمال.
الدب الروسي وهو الراعي السياسي في المحافل الدولية للأسد، أقحم نفسه عسكريا في ميدان متقلب على جمر من المعارك، داعما نظاما يقاتل شعبه، مع وجود معارضة مسلحة باتت مسيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي السورية.
ويقول الخبير العسكري الأردني، اللواء المتقاعد فايز الدويري، إن التدخل العسكري الروسي جاء لعدة أسباب وفرص، أهمها ارتباك القوات الإيرانية وحزب الله في المعارك الدائرة، وعدم سيطرتهما على المناطق المتبقية من الأراضي السورية بالتزامن مع تقدم جيش الفتح في مناطق الشمال (إدلب وريفها، وريف حمص ومناطق من حماة)، خصوصا مع حديث وسائل إعلام مقربة من النظام إمكانية التخلي عن مناطق يعدها "غير استراتيجية" مقابل معاقله في الساحل والعاصمة وما يحدها.
ويعتقد الدويري في حديثه لـ"
عربي21" أن
روسيا أقدمت على التدخل، كعملية استباقية للاجتماع السبعين للأمم المتحدة، وحتى يكون لدى الرئيس الروسي بوتين أوراق ضغط، بعد التغيير الذي يجري على الأرض، والذي لا يمكن تجاوزه.
ويرى اللواء أن الروس استفادوا من التردد الأمريكي في معالجة الملف السوري، وعدم اتخاذ إجراءات حازمة، خصوصا مع تعالي أصوات الجمهوريون لطريقة معالجة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للأزمة السورية، والاتهامات التي تتعلق ببرنامج تدريب المعارضة السوري والتي كان أخرها الفرقة 30 الذين أسرتهم جبهة النصرة.
فعالية الضربات الروسية
شن الطيران الروسي خلال الأيام الثلاثة الماضية 60 غارة، كانت بحسب ما يؤكد الدويري، ضمن منطقة جغرافية محصورة، ألا وهي (ريف حماة، وريف حمص، وريف إدلب) استهدفت المناطق الاستراتيجية التي سيطر عليها جيش الفتح، ولم يقترب من المناطق التي يسيطر على تنظيم الدولة، على الرغم من أنه برر تدخله بمحاربة التنظيم.
وعند مقارنة عدد الغارات الروسية بعدد الضربات الجوية التي قام بها التحالف الدولي في سوريا فقط، نجد أن التحالف قام 2597 غارة في محافظة سوريا، بمعدل 7 غارات يوميا، أي ما يقارب ثلث غارات روسيا اليومية فقط في المنطقة الجغرافية الصغيرة.
لذا يبدو أن الهدف من التدخل الروسي هو محاولة حماية مناطق نفوذ الأسد من السقوط، ومحاولة التفاوض عليها للحفاظ على مصالحا.
ويرى الدويري أن التدخل العسكري الروسي سيكون في الفترة القريبة لصالح موسكو ودمشق، بسبب عنصر المفاجأة والمباغتة والصدمة التي شكلتها والتي سيتبعها تقدم للعناصر التابعة والمؤيدة للنظام السوري، فيما على المدى المتوسط والبعيد سينعكس سلبا على روسيا وإيران، "فستصبح هناك تحالفات جديدة بين المعارضة السورية، وستقاتل الفصائل المعارضة المختلفة فيما بينها، جنبا إلى جنب ضد العدو الخارجي، الروس والإيرانيون، وبالتالي ستدخل روسيا وإيران في حرب عصابات كبيرة وأقوى من السابق".
وتوقع أن تقوم المعارضة السورية بترتيب أوراقها في الفترة القريبة العاجلة، وتستعد للمعركة من جديد.
وعن الاختلاف بين التدخل الروسي في أفغانستان أيام الاتحاد السوفيتي، وبين تدخل موسكو اليوم، قال الدويري إن الأفغان نالوا دعما من جميع الدول العربية، فضلا عن الدعم الأمريكي الكبير، "فيما نرى اليوم في روسيا موقف عربي باهت، والدول إما متحفظة أو داعمة للتدخل الروسي في سوريا".