بدأت صباح اليوم الأحد عمليات التصويت في
الانتخابات الفرنسية لاختيار رئيس للبلاد خلال الأعوام الخمس القادمة.
وتوجه الفرنسيون لصناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في ظل تنافس 11 مرشحا للحصول على كرسي الرئاسة في قصر الإليزيه لكن المنافسة الفعلية تدور بين أربعة مرشحين.
وبحسب نظام الانتخابات الفرنسية فإن على المرشح الحصول على الأغلبية المطلقة في الجولة الأولى لحسم الانتخابات وإلا فإن جولة أخرى تعقد لحسم الرئاسة بين أكثر مرشحين اثنين حصلا على الأصوات من الناخبين.
وتصدر أربعة مرشحين استطلاعات الرأي في
فرنسا على الرغم من الفارق الضئيل بينهم وهم إيمانويل ماكرون عن حزب إلى الأمام الوسطي ومارين لوبان مرشحة حزب الجبهة الوطنية لليمين المتطرف وفرانسوا فيون عن حزب الجمهوريون اليميني بالإضافة لجان لوك ميلانشون عن حزب فرنسا المتمردة الذي يمثل اليسار الراديكالي.
وتقدم في آخر استطلاعات الرأي التي أجرتها صحيفة "لوموند" الفرنسية قبل عدة أيام من بدء التصويت المرشحان ماكرون ولوبان وبفارق نقطة واحدة لصالح ماكرون المرشح الوسطي.
وحصل ماكرون بحسب "لوموند" 23 بالمائة من الآراء المستطلعة بينما حصلت لوبان مرشحة
اليمين المتطرف على 22 بالمائة من الآراء.
ويتخوف المسلمون وعموم المهاجرين في فرنسا من وصول أي مرشح يميني إلى كرسي الرئاسة بعد جملة المواقف والتصريحات التي أدلوا بها ضد المسلمين والمهاجرين وتوعدهم بفرض سياسات أكثر تشددا معهم على غرار ما فعله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد وصوله للرئاسة.
ودعت العديد من ممثليات المسلمين في فرنسا الجالية للمشاركة بقوة في التصويت والسعي لمنع خطر وصول مرشحي اليمين المتطرف إلى كرسي الرئاسة.
وفي مدينة ليون (شرقا) دعا عميد المسجد الكبير في المدينة عموم المسلمين في فرنسا إلى المشاركة بقوة في التصويت.
وقال الشيخ كامل قبطان إن على مسلمي البلاد المشاركة في التصويت لأن العديد من الجهات تحاول عرقلة مشاركة المسلمين في الانتخابات.
وأضاف: "إن واجبات المواطنة تحتم على مسلمي فرنسا التصويت في الانتخابات".
وشدد قبطان على أن مستقبل فرنسا يعني المسلمين لذلك من الواجب المشاركة وعدم التخلف عن التصويت.
وبحسب مركز "بيو للأبحاث" ومقره أمريكا يقدر عدد مسلمي فرنسا بأكثر من 7 بالمائة من مجمل السكان أي قرابة 5 ملايين من أصل 67 مليون نسمة.
وفي الانتخابات الماضية صوت غالبية مسلمي فرنسا لصالح المرشح الاشتراكي في حينه الرئيس الحالي فرنسوا أولاند.
أستاذ الفلسفة السياسية في جامعة باريس الدكتور رامي الخليفة العلي قال إن مسلمي فرنسا وعموم المهاجرين يرفضون منح أصواتهم لليمين المتطرف على خلفية المواقف والسياسات العنصرية التي ينطلق منها اليمين ويشعرون بخطورتها عليهم.
وقال العلي لـ"
عربي21" إن مشكلة المسلمين في فرنسا هي "معرفة ما لا يريدون لكنهم في الوقت ذاته لا يعرفون من يريدون" مشددا على أن الجالية مشتتة ولا تجتمع على مرشح واحد تدعمه ليحقق لها مصالحها.
ولفت إلى أن اليمين الفرنسي لوح في الحملة الانتخابية بملف المسلمين والهجرة ووعد بإجراءات أشد صرامة مع المهاجرين على غرار ما فعله دونالد ترامب منذ تسلمه الرئاسة.
وأشار إلى أن الأحزاب اليمينية الفرنسية تسابقت في إطلاق تصريحات عنصرية ضد المسلمين للحصول على أكبر نسبة من المؤيدين وهذا بالتالي ولد خوفا لمسلمي فرنسا وحرمهم من أصواتهم.
وعلى صعيد المرشحين قال العلي إن مرشحي اليسار ويسار الوسط يتخذون سياسات أكثر قربا من الجالية العربية والمسلمة ومن المرجح أن تذهب أصوات المسلمين لهم.
وقال إن المرشح الاشتراكي فرنسوا أمون الاشتراكي دعا خلال حملته لمزيد من الاندماج واتخاذ الحكومة إجراءات على الجانب الاقتصادي.
من جانبه حمل المتلقى السنوي لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا دعوات بضرورة المشاركة الكثيفة بالتصويت في الانتخابات وإنهاء المقاطعة التي يراها الاتحاد سلبية على المسلمين.
وقال رئيس الاتحاد عمار الأصفر خلال ندوة عقدت في الملتقى بالعاصمة باريس قبل أيام إن "صوتوا.. فلنحافظ على فرنسا من خطر اليمين المتطرف".
وأشار الأصفر إلى أن دعوته للمشاركة في التصويت تأتي للرد على "التهديد المعنوي والمؤسساتي الذي تطرحه الأفكار العنصرية والمعادية للسامية والمحرضة على كراهية الأجانب".
من جانبه قال المسؤول الجمعياتي بمنطقة "رانس" شمال فرنسا أحمد المشيرفي وهو أحد المشاركين في الملتقى "نتساءل منذ زمن عما إذا كان ينبغي علينا التصويت واليوم نتساءل لمن سنصوّت وهذا يعتبر في حد ذاته دليلا على الاندماج".
ولفت إلى أن حيرة المسلمين وترددهم في التصويت ظاهرة "تتكرر منذ 30 عاما وهو ما يخدم مصلحة أولئك الذين لا يريدون حضورا للإسلام في فرنسا".
ووصف رئيس تجمّع مسلمي فرنسا نبيل الناصري العزوف عن التصويت بأنه "أسوأ خيار لأنه يلغي أي وزن للمسلمين" بحسب رأيه.
وتوقع الناصري أن يشهد تصويت اليوم الأحد أعلى نسبة عزوف من المسلمين عن المشاركة منذ تأسيس الجمهورية الخامسة بسبب خيبة الأمن من الطبقة الحاكمة.