الإنسانُ في التصوُّرِ القرآنيِّ ليس كائناً مغلوباً
على أمرِه مسلوبَ الإرادةِ، إنَّما يأمرُه الله أن يكون حرَّ الإرادةِ وألا يخضعَ
لأحدٍ من دونِ اللهِ، وتحقيقاً لهذا المعنى فإنَّ القرآنَ يبيِّن أنَّ الإنسان
مسؤولٌ عن كلِّ أفعالِه في الدنيا، بل إنَّ مسؤوليَّة الإنسان تمتدُّ إلى أقدارِ
المستقبلِ التي تظهر في حياتِه ويصفها الناس عادةً بأنَّها أقدارٌ طبيعيَّةٌ،
لكنَّ
القرآن يؤكِّد أنَّ تلك الأقدار ليست سوى استجابةٍ لنيَّةِ الإنسانِ
ومقصدِه.
يبيِّن القرآن أنَّ زوال النعمة هو نتيجةٌ لتغيُّرٍ
يحدثه الناس في أنفسِهم:
"ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً
نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ"
(الأنفال: 53).
تغيُّر النعمةِ في ظاهرِه هو قدرٌ خارج سيطرةِ
الإنسانِ، لكنَّ القرآنَ يعزِّز سلطة الإنسان ويعطيه القدرة على تغييرِ أقدارِه
حين يذكِّره بأن هذا التغيُّر في الواقعِ الخارجيِّ هو مرآةٌ عاكسةٌ لتغيُّرٍ
أحدثه الإنسان داخلَ نفسِه، وهذا يعني أن الإنسان قادرٌ على تغييرِ أقدارِه إذا
غيَّر ما في نفسِه من نيَّاتٍ ومقاصدَ وأحوالٍ.
هذا لا ينفي أنَّ هناك عواملَ خارجيَّةً تؤثِّرُ على
الإنسانِ، والقرآنُ يقرُّ بأثرِ العاملِ الخارجيِّ، لكنَّه ينبِّه إلى أنَّ أثرَه
يظلُّ محدوداً قابلاً للتطويقِ والتغلٌّبِ عليه، فالشيطان يكيدُ بالإنسانِ لكن:
- "إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً"
(النِّساء: 76).
- "إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ
أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (آل عمران:
175).
والأعداء يتآمرون ويمكرون مكراً تزول منه الجبال،
لكنَّ هذا المكر لا يبلغ درجة تعطيل قدرة الإنسان على مواجهته والتصدِّي له:
"وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ
كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ" (الأنفال: 120).
والإنسان يخشى تأثير السحر والحسد لكنَّ الإيمانَ
يُحفِّز في الإنسان القوة التي تتغلب على كلِّ هذه الأخطار:
".. وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ
إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ" (البقرة).
يرفعُ القرآنُ الإنسانَ من موقعِ الشكوى والعجزِ إلى
موقع المسؤوليَّة، فالإنسان هو المسؤول عن كلِّ ما يصيبه، أي إنَّ كلَّ ما يظهر في
الواقعِ الخارجيِّ للإنسان فهو ثمرة كسبِه الذاتيِّ:
"وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا
كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ" (الشُّورى: 30).
والاستغفارُ هو تأكيدٌ على مسؤوليَّة الإنسانِ
والسلطانِ الذي أعطاه الله إيَّاه لإعادة تشكيلِ قدرِه ومصيرِه، فالاستغفار هو
حالةُ ندمٍ على ذنوبِ الماضي ومفارقةٍ لتلك الأحوال وإعادة الولادة من جديدٍ وهو
ما سيثمر تغيُّرَ واقعِ الإنسان الخارجيِّ:
"فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ
غَفَّاراً (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً (11) وَيُمْدِدْكُمْ
بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً
(12)" (نوح).
إنَّ الطريقَ إلى إصلاحِ الواقعِ الخارجيِّ وفق
التصوُّرِ القرآنيِّ يبدأُ بإصلاح حالة القلب الداخليَّةِ وهو ما يستطيع الإنسانُ
فعله وبذلك يصير الإنسان مسؤولاً وقادراً على استجلابِ الخير في حياتِه:
".. إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً
يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ
رَّحِيمٌ" (الأنفال: 70)
في الهدايةِ والضلالِ فإنّ القرآن يقرِّر أنَّ اللهَ
"يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ" لكنَّ المشيئةَ
الإلهيَّة لا تلغي الدورَ الإنسانيَّ، فالهداية والضلال قرارٌ يبدأ بمقصدِ
الإنسانِ ونيَّتِه ثمَّ يمدُّه الله بما قصدَه قلبُه:
- "وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى
وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ" (محمد: 17).
- "إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ
وَزِدْنَاهُمْ هُدىً" (الكهف: 13).
- "ويَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً"
(مريم: 76).
- "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا
لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ" (العنكبوت:
69).
وفي الجانب الآخر فإنَّ الذين يضلُّون لا يُغلبون على
ضلالِهم كما يتعللون في القرآن: "لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا"
إنَّما يمدُّهم الله تبعَاً لمقصدِهم:
- "فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ
مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ" (البقرة: 10).
- "وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً
لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ" (الأنفال:
23).
- "قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ
فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَداً" (مريم: 75).
هذه الآيات تظهر المدى البعيدَ الذي تبلغُه
المسؤوليَّة الإنسانيَّةُ، فالإنسان هو الذي يبدأ الخطوة الأولى بقصدِه القلبيِّ
وتوجُّهِه ثم تتفتَّح له السبلُ في الحياةِ بما يوافقُ مقصده وحالةَ قلبِه، وهذا
يعني مدى حساسيَّةِ الميزانِ الإلهيِّ الذي يبيِّنه القرآنُ فإنَّ مجرَّد النيَّةِ
الكامنةِ في القلبِ والتي لا يراها الناسُ قد تصوغ حياةَ الإنسانِ كليَّاً بعد
ذلك.
إنَّ النيَّة الخفيَّة الكامنة في القلبِ هي ذاتُ خطرٍ
عظيمٍ، فالنيَّة تتحرَّك وتتفاعل وتخرج إلى حيِّز الوجودِ فتنشئ عالماً من الخيرِ
والصلاحِ أو عالَماً من الشرِّ والإفسادِ، وواقع الناس عبر التاريخِ يصدِّق ذلك،
فهل بدأت حركاتُ أعتى المجرمين مثل ستالين وهتلر إلا من نيَّةٍ خبيثةٍ في قلوبِهم
ثمَّ نبتت فصارت شجرةً خبيثةً؟ وكذلك هل بدأت أعظم دعوات الخيرِ والإصلاحِ إلَّا
من بذرةٍ طيِّبةٍ في قلوبِ الصَّالحين أثمرت شجرةً طيِّبةً من الخيرِ والعدلِ
والإصلاح؟!
"يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ
حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي
الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ" (لقمان: 16).
لذلك فإنَّ موضع اهتمام القرآن هو القلبُ، فإذا صلح
حال القلبِ أثمرَ صلاحاً خارجيَّاً وإذا فسدَ القلب لم يغن مع فساده صلاح ظاهرِ
العملِ، فالقرآنُ يعتني بأمرِ النيَّةِ قبل ظاهرِ العملِ لأنَّ النيَّةَ هي التي
تثمر العمل وهي التي تعيد تشكيل المصير.
تذكرُ سورةُ الليلِ فريقينِ متقابليْنِ من الناس؛
الذين ييسِّرهم الله لليسرى، والذين ييسِّرهم الله للعسرى:
"فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ
بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ
وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)"
(اللَّيل).
مثل هذه الآياتِ تبطل مفهوم الحظِّ والنصيبِ بالمعنى
الذي يتداوله الناسُ، فهي تبيِّن أنَّ تيسير الحياة وتفتُّح أبواب الخير يأتي
ثمرةً لعطاء الإنسان وتقواه: "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان"، وهناك من
بخل واستغنى فيظهر أثر ذلك في حياته تعسيراً فتغلق أبواب الهداية والسداد أينما
ولَّى وجهه.
ذنبُ القبولِ بالضَّعف!
ولأنَّ القرآنَ ينطلق في تعامله مع الإنسان بأنَّه
كائنٌ مسؤولٌ عن اختيارِه فإنَّه لا يرضى له أن يكون مسلوبَ الإرادةِ، ومن المعاني
الثوريَّة التي يكرِّرها القرآنُ أنَّ المستضعفين الذين قبلوا بالخضوعِ للمستكبرين
هم على نفسِ القدرِ من الظلمِ والمسؤوليَّة مع المستكبرين، وسيحشرون معهم في
النَّار.
"إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ
ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي
الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا
ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيراً" (النِّساء: 97).
هذه الآيةُ أثارت عجب فريقٍ من المسلمين، إذ إنَّها
تتحدَّى الصورة النمطيَّة التي تتعاطفُ عادةً مع المستضعفين وتراهم مغلوبين على
أمرهم يستحقون الشفقة بينما هذه الآية تتوعدهم بالنَّار!
لكنَّ العجبَ يزول إذا فهمنا رؤية القرآن في التعامل
مع الإنسانِ، فالقرآنُ يبني الإنسان حرَّ الإرادةِ الذي لا يقبل بواقع الاتباعِ
والاستعبادِ لغيرِ الله؛ لأنَّ الله خلقه حرَّاً وجعله قادراً ومسؤولاً عن
حريَّتِه، لذلك لا يوجدُ عذرٌ له بالتكيُّفِ والقبولِ بواقعِ القهرِ الخارجيِّ،
حتى وإن كان ثمن ذلك مغادرة الوطنِ الذي يستعبده والهجرة منه، والاستثناء في ذلك
لمن كان عاجزاً عجزاً حقيقيَّاً: "إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان
لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا".
هذا المعنى في القرآنِ يغلق الطريقَ على من يتعلَّلُ
بالضعفِ لتخليصِ نفسِه من المسؤوليَّةِ وتحميلِها إلى المستكبرين، وهو ما يشيعُ في
تعبيراتٍ شعبيَّةٍ في مجتمعاتنا مثل "مغلوبٌ على أمرِه"، "جنديٌّ
مأمورٌ"، لكنَّ التعلُّل بعجزِ الحيلةِ كثيراً ما يكون كذباً وخداعاً للنفسِ،
والله يعلم من قدراتِ الإنسانِ ووسعِه ما يحاولُ الإنسان أن يعطِّله طلباً للراحةِ
والاتكاليَّةِ، لذلك لم يرض الله بالضعفِ عذراً يعفي الإنسان من المسؤوليَّة.
وهذا المعنى يتردَّد كثيراً في القرآنِ، وهو مساواة
السادة المستكبرين والأتباعِ المستضعفين في
المسؤولية والعذاب:
- "إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ
الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (البقرة:
166).
- "وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا
سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ
ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (68)" (الأحزاب).
- "وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ
الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ
أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ (غافر: 47).
- "وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ
عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ
اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (سبأ:
31).
وفي سورة القصص فإنَّ الله حين أهلك فرعون أهلك معه
جندَه لأنَّ الجنديَّ الذي يتذرع بالضعف وقلة الحيلةِ هو اليد التي يظلم بها
الطغاة ويثبِّت أركان دولتِه، ولو تحمَّل الجنود مسؤوليَّاتِهم لما استطاع الفرعون
أن يظلِم:
- "إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا
كَانُوا خَاطِئِينَ" (القصص: 8).
- "فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ
فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ" (القصص: 40).
الحسابُ الفرديُّ تأكيدٌ للمسؤوليَّة
في القرآن فإنَّ حساب الإنسان عند الله فرديٌّ ولن
يغني عن الإنسان جمعه أو عشيرته أو حزبه:
- "وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا
خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ
ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ
فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ
تَزْعُمُونَ" (الأنعام 94).
- "وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً"
(مريم 95).
- "وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ
يَتَفَرَّقُونَ" (الرُّوم: 14).
- "وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ
تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا
قُرْبَى.." (فاطر: 18).
- "كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ"
(المدثر: 38).
الحسابُ الفرديُّ يقتضي بالضرورةِ المسؤوليَّة
الفرديَّة، فإذا كان الإنسان سيأتي ربَّه يوم القيامة فرداً وسيتخلى عنه شركاؤه في
الدنيا بل سيفرُّ منه أخوه وصاحبته وأمَّه وأبوه، فإنَّ المقتضى العقليَّ لذلك أن
يعلم أنَّه مسؤولٌ عن اختياراتِه وقراراتِه في الحياة الدنيا، وأنَّه لا يسعه في
هذه الحياة الاتكاليَّة والعجز والتعلُّل بالضعفِ، بل إنَّه مأمورٌ من اللهِ في
هذه الحياة بالانتصارِ على كلِّ من يحاول أن يسلبَه إرادتَه.
twitter.com/aburtema