بواقعية واتزان، تواصل
المقاومة الفلسطينية، وفي
المقدمة منها كتائب القسام، حربها المفتوحة مع الكيان الصهيوني في شوارع وأزقة
قطاع
غزة، مستخدمة تكتيكا عسكريا يسعى في نهاية المطاف لاستنزاف العدو عبر معركةٍ
طويلةٍ ومفتوحة، وباستخدام المواجهة المباشرة الضاغطة بطريقة تدريجية قتالية
مدروسة بعناية فائقة، بدأت باستدراج الجيش الصهيوني في حربٍ برية إلى داخل قطاع
غزة، ولن تنتهي باستهداف ضباطه وآلياته بصورةٍ مباشرة، ومن المسافة الصفرية.
بعد التورط في معركة غزة البرية، اكتشف
الاحتلال
متأخرا أن كتائب القسام استدرجته من خلال معركة "طوفان الأقصى"، للدخول
في حربٍ برية، فيما يعرف بـ"حقل البط"، فالأحداث التي رافقت يوم السابع
من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي لا مناص أمامها من الرد بالغزو البري، وهنا تصبح
المعادلة القتالية مختلفة نوعا ما، فالتكنولوجيا والتفوق العسكري الذي تتمتع به
قوات الجيش الصهيوني لن تقدم سوى القليل من المزايا في الشوارع المزدحمة في قطاع
غزة، كجباليا شمالا، والشجاعية شرقا، وخانيونس جنوبا.
الاندفاعة الأولى للحرب البرية انتهت دون أن يحقق
الاحتلال أهدافه المعلنة، ومنها انتقل الجيش الصهيوني مرغما إلى حرب استنزاف
مفتوحة بلا أفق، فيما الوقائع على الأرض تؤكد أن الاحتلال غرق في وحل غزة، ومع
دخول فصل الشتاء، بات الغرق بمعناه الحرفي والمجازي واضحا للعيان.
وعلى الرغم من دخول المعركة شهرها الثالث، إلا أن حركة
حماس ما تزال تحتفظ بمعظم قوتها العسكرية عبر استخدام عمليات الكر والفر، ضمن
مجموعاتٍ قتالية صغيرة هدفها نصب الكمائن المميتة باستدراج العدو إلى مبانٍ وأنفاق
مفخخة، أو قنص جنوده، أو استهداف دباباته وآلياته من المسافة القاتلة.
حديث الناطق باسم كتائب القسام "أبو عبيدة" عن اصطياد مقاتلي القسام لجنود الاحتلال كالبط، دلالة عسكرية على سهولة تحقيق الأهداف العسكرية باستهداف جنود الاحتلال وآلياته المتوغلة في غزة، فهي في مرمى قذائف القسام ورصاصها
إذا ما ذهبنا للحديث عن الأنفاق فإنها لم تخرج أثقالها
بعد، وما تزال المعركة في بدايتها بالنسبة لكتائب القسام، فقتال الأنفاق لم يدخل
الحرب بالشكل الذي تسعى له المقاومة، وللإشارة إلى أهمية الأنفاق في المعارك، فهي
من حسم الحرب العالمية الثانية، وهي كذلك من حسم المعركة لصالح الفيتناميين مع
الأمريكيين.
لن ندخل في لغة الأرقام، لكن المؤكد أن مقاتلي كتائب
القسام وحدهم في غزة يفوق الـ40 ألفا، وباستخدام شبكة طويلة من الأنفاق المحصنة تحت
الأرض، فإنه بإمكانهم التحرك في كافة أنحاء القطاع.
حديث الناطق باسم كتائب القسام "أبو عبيدة"
عن اصطياد مقاتلي القسام لجنود الاحتلال كالبط، دلالة عسكرية على سهولة تحقيق
الأهداف العسكرية باستهداف جنود الاحتلال وآلياته المتوغلة في غزة، فهي في مرمى
قذائف القسام ورصاصها، وهو دلالة على تعاظم قدرة كتائب القسام في الإثخان في صفوف
جنود الاحتلال عبر ما يعرف بحرب الشوارع، التي من خلالها تستطيع القوة المدافعة
مواجهة القوة المهاجمة بطريقتها وأسلوبها الخاص، فتصبح آليات العدو وجنوده مجرد
أهداف سهلة الاصطياد.