اعتمد مجلس النواب
الميزانية التي تقدمت بها
حكومة الاستقرار التي يترأسها أسامة حماد خلفا لفتحي باشا الذي أحيل للتحقيق لشبهة
فساد ولم يسفر عن التحقيق شي بل يبدو أنه لم يقع أصلا. وبلغ إجمالي الميزانية التي
قدمتها حكومة الاستقرار نحو 89 مليار دينار ليبي، تغطي نفقات العام 2023م ر غم
مرور ثمانية أشهر على السنة المالية.
مجلس النواب لم يقدم إيضاحات بخصوص
الميزانية غير التأكيد على أنه قد تمت المصادقة عليها بالإجماع، دون تحديد ماهية
الإجماع المذكور وإذا ما تحقق النصاب في الجلسة، فقد جرت العادة أن يتخذ المجلس
قرارات بل يصدر قوانين بعدد لا يتجاوز الثلاثين، وهذا بشهادة أعضاء من المجلس
وثَّقوا هذه الوقائع في بيانات شخصية أو عبر تصريحات للصحافة والإعلام.
ويبدو الارتباك والاضطراب واضحا في موقف
مجلس النواب من الميزانية التي صدرت ولم يتبق على العام المالي إلا بضعة أشهر، كما
أن الجلسة التي وقع فيها المصادقة على مشروع الميزانية وإصدار قانونها كانت مخصصة
لمناقشة ملف الحكومة ولجنة 6+6، وذلك حسب الدعوة الصادرة عن رئاسة مجلس النواب.
ينبغي التأكيد على أن كل أو جل ما يصدر عن
مجلس النواب بات يتعلق بالتدافع السياسي وصار مرتهنا لمحركات الصراع الدائر وبواعث
النزاع الحاصل، وهذا ما يفسر التغيير في أجندة وموضوعات الجلسة التي شهدت إقرار
الميزانية، ويعلل الاتجاه إلى إقرار ميزانية في الوقت الضائع تقريبا لحكومة من
المفترض أن تسلم أوراقها وتمضي إلى حال سبيلها لتحل محلها حكومة توافقية، كما أعلن
مؤخرا رئيس البعثة الأممية لليبيا.
يمكن أن يلعب المصرف المركزي دور الضابط لأوجه الصرف ويمنع الازدواجية في حال مضي في مقاربة التفاهم مع مجلس النواب، وسيجد الكبير نفسه أمام ضغوط كبيرة للتعاطي مع قرارات مجلس النواب ومطالب الحكومة التابعة له..
مجلس النواب أقر الميزانية برقمها الإجمالي
وقيمة أبوابها 56 مليار للمرتبات ونحو 11 لنفقات تسيير الجهاز الحكومي و 17 للدعم
ونحو 4 مليار للتنمية، وبالتالي صارت حكومة الاستقرار برئاسة حماد مخولة قانونا
بالصرف على البنود التي وردت في الميزانية، في الوقت التي بلغ فيه حجم الإنفاق الفعلي
على هذه البنود ما يزيد على الـ 68 مليار دينار، وذلك منذ 1 يناير العام 2023م وحتى
نهاية شهر أغسطس الماضي.
وبالرجوع إلى بيانات حكومة الوحدة الوطنية
ومصرف
ليبيا المركزي فإن المرتبات التي تم صرفها فعليا (بما في ذلك مرتبات أعضاء
مجلس النواب) قد تجاوزت الـ 30 مليار دينار، كما أنه تم الصرف الفعلي بمليارات
الدينارات على الدعم والنفقات الإدارية للجهاز الحكومي ومشاريع التنمية بما في ذلك
المواطنون والأجهزة والمشروعات الواقعة في النطاق السياسي والإداري لحكومة
الاستقرار التي منحها مجلس النواب تفويضا بإنفاق 89 مليار دينار، لكن مجلس النواب
لم يأبه لذلك، ولم يصدر عن المجلس، سواء ناطقه الرسمي، أو اللجنة الاقتصادية
والمالية، أو رئاسته، توضيح بخصوص هذه الازدواجية وهذا التخبط، والقول بأن حكومة
الاستقرار برئاسة حماد ستأخذ في الاعتبار النفقات الفعلية التي نفذتها حكومة
الوحدة الوطنية لا يمكن القطع به، فالمجلس حجب الثقة عن حكومة الوحدة الوطنية،
وحكومة حماد لا تعترف بها، وبالتالي ستكون غير ملزمة ببيانات حكومة الوحدة، كما أن
لديها تفويضا عاما من النواب لميزانية متكاملة البنود فمن سيحاسبها على أي تجاوزات
سببها الازدواجية؟!.
إعلان توحيد المصرف المركزي يشير إلى تطور
في علاقة محافظ المصرف مع جبهة طبرق ـ الرجمة، وتحدثت مصادر عن قرب مثول الصديق
الكبير أمام مجلس النواب لتقديم تقريره والاستماع إلى ملاحظات النواب بخصوص أداء
المصرف المركزي، ويمكن أن يلعب المصرف المركزي دور الضابط لأوجه الصرف ويمنع
الازدواجية في حال مضي في مقاربة التفاهم مع مجلس النواب، وسيجد الكبير نفسه أمام
ضغوط كبيرة للتعاطي مع قرارات مجلس النواب ومطالب الحكومة التابعة له، وسيقع في
حرج شديد وإرباك أشد إذا رضخ لهذه الضغوط، فحكومة حماد لا بيانات ولا علاقات
وقنوات وسلطة إدارية لها لتولي إدارة الميزانية العامة، ولن يرفع عن المركزي هذا
الحرج إلا تدخل خارجي يضغط باتجاه إبقاء الوضع المالي والإداري للبلاد على ما هو
عليه والتعجيل بتغيير حكومي توافقي يتبعه الإعلان عن موعد للانتخابات.